اذا أصبحت حياتك ملوثة, فلا تلوث حياة الآخرين.

ليس هناك ما يجعلك تفقد إنسانيتك سوى فقدانك لقيمك الأخلاقية التي ما دئب فكرك على صياغتها وتبنيها والسير ضمن طاقها المفترض, وهذا ما يجعلك متزن السلوك متفائل الغد. لكن وعندما تتلاشى هذه القيم من حولك والتي بطبيعتها منعكسات الآخرين تجاهك, تفقدك صبرك على تقيم سلوكك الذي هو أيضا نتيجة سلوك الآخرين من خلال التفاعل اليومي معهم, وكيف تتأثر بهم لأنك في نطاقهم الافتراضي , وليس العكس, لأن العكس هو سلطان القوة والتبعية التي تفرضها سلطة العقل المتحكم, وأيضا المال, لأننا نعيش في هذا النطاق الظاهري من تكميم الكينونة الإنسانية وجعلها مجبرة على سلوك أفكار العقل الحاكم, ومجبرة على تشيع هذه القيم وتبنيها لتكون دستورك السلوكي والقيمي, هذا أنت عزيزي الإنسان في هذا الصخب السلوكي الغير متزن الذي تفرضه سطوة المال, وملاكه من خلال التحكم باحتياجاتك الأساسية التي تساعدك على القيام بواجب الحياة, أي أنك تستمر في تشغيل آلة الجسد التي هي ذاتك, وما تحتاجه لتشغيل هذا الجسد, ولهذا فإن العقل البشري المتحكم استطاع أن يخضعك, من خلال قدرته على الاتجاه بشكل مباشر لمنابع الطاقة والاحتياج والتحكم بإدارتها وقدرتها الإنتاجية, لأن هذا من المؤكد ستكون نتائجه, ترويضك وجعلك تابع وملتزم بكل ما يفرض أو يقدم إليك على أنه ما تحتاجه لتستطيع الاستمرار في الحياة.

لذلك نقول, عزيزي الإنسان عليك أن تدفن نفسك بأفكارهم , وتعتبرها دستورا لحياتك وحياة من بعدك, وأن لا تتمرد على آلهة هذا العصر, العصر الذي يقوده الجنون, جنون السلطة والحكم والتحكم بحياة البشر, حسب ما تملي عليهم قواهم العقلية إن وجدت في الأصل, لهذا يجب عليك يا إنسان أن تمنحهم متعتهم وتقدم لهم حياتك دون تمرد أو عصيان, لأن في كل ما سبق ذكرة, متعتهم ومنبع سعادتهم, أجل لا تستغرب هذا الطرح الجدلي, فأنت وحياتك وكل ما تملك, يملكونك ويتحكمون بك وبكل ما تحتاج, لأنك التابع لا السيد, لأنك المحكوم لا الحاكم, لأنك الهدف لا النتيجة, فالنتيجة التي تستطيع تخيلها وتسعى جاهدا لتحقيقها والوصول إليها, توجب عليك الاقتناع التام بأنها معدة مسبقا, وهي في دستورهم ويمنحونها لمن يستطيع التخلي عن ذاته وإنسانيته ويمنحهم حياته وعقله, هذا هو من يستحق مكرمتهم, وترقيتهم, هذا أنت يا إنسان هذا العصر, وبيدق هذا الزمان.

آسف لك, أو لست بآسف لأنها الحقيقة التي تنكرها ولا تستطيع تصديقها, وأنت تعلم بأنها الحقيقة التي تعيشها, وتعلم جيدا أنك لا تستطيع التمرد عليها , لأنك تعلم جيدا نتائج تمردك وعصيان أوامر سادة هذا العصر, ومالكو هذا الزمان, أنت تعلم بأنهم يملكون مائك وغذائك ودوائك, أنت تعلم بأنهم يستطيعون سلبك حياتك متى يشاءون, وتعلم أنك تلهث لكنك تجمل لحظات خضوعك, بأفكار يستطيع عقلك الباطن أن يصورها لك ويجملها وينقلك لتعيشها من خلال فصلك عن الواقع الحقيقي للحياة, التي يتوجب عليك أن تعيشها, وتدافع عنها وتكون أنت المتحكم والحاكم فيها والمسؤول عن كل ما تحتاجه لتستمر.

أعلم أنك بت تكرهني الآن عزيزي الإنسان, تكرهني لأن طرقي المستمر على غلاف ذاتك يصيبك بصداك لم تعتد عليه, صداع النور, صداع المسير من حيث وضعوك لحيث يتوجب عليك أن تكون, صداع مخدر بسكنات حياتك المعلبة والمقولبة والتي صنعت أقفالها بيديك, أرهقتك بطنين كلماتي, وآلمتك بنور الصحوة المفاجئ الذي يفسد عليك ظلام زنزانتك التي تسجن فيها ذاتك, هذا الظلام الواسع, هو ذاته من يرعبك ويجبرك على الركون والخضوع ويحرمك الحركة, وكأنه بلا حدود, عزيزي الإنسان ما يجعلك تفقد قدرتك على الحركة ليس الظلام وإنما ركونك وخوفك من الحركة في سراب الظلام, ولخوفك من السقوط أكثر, لهذا أقول لك أنت لن تسقط بعد هذا السقوط, فوجود في سجن الظلمات هو بحد ذاته الموت المصنع, الموت المقدم لك طوعا, وكل ما تحتاجه لتتخلص من دجى هذا الظلام أن تبدأ بالحركة والتمرد علية , يجب عليك أن تبدأ بالمسير, لتتجاوز عتمة سجنك الذاتي, لأنك بتفكيرك هذا, أن هناك ما يتوجب عليك فعله غير هذا لترى بعينيك وتدرك بوعيك فأنت مخطئ, لأن الظلام لا يرى, الظلام هو أصل الكون ونحن نعيش بداخله, لهذا ما يجعلنا نتجاوز ظلمته, هي الحركة المستمرة والبحث الحثيث عن النور, النور الحقيقي بوعيك بذاتك, الوعي بطبيعة خلقك ولماذا وجدت على هذه الأرض, وعيك بأنك لست الأفضل, وليس هناك من هو أفضل منك, وعيك بأنك وجميع من حولك خلقتم في سواء, ولا فضل لأحد منكم على الاخر سوى, برفد إنسانيتكم بالمزيد, المزيد من الأخلاقيات, المزيد من تعريفك بكيانك, المزيد بمسؤوليتك تجاه نفسك وأخيك الإنسان, هكذا هي الحياة وهذا ما يتوجب عليك أن تجعله, نقطة النور التي تحتاجها لتكون منارة ذاتك, ودالتك على ما يتوجب عليك تقديمه لنفسك وللآخرين, هكذا هي الحياة, وهكذا أخبرانا الله سبحانه عن كيفيتها وكيفيته عيشها, وأيضا الكيفية التي يتوجب علينا أتباعها تجاه بعضنا بعضا لتستمر بأفضل ما قدمت لأجله, أليس الله بقائل ولولا دفع الله الناس بعضهم لبعض لفسدت الأرض.

أليس في دفعنا بعضنا لبعض, مستحاث نشيط لا يتوقف نمنحه نحن الإنسان لبعضنا بعضا, لنستمر في حياتنا, ونستطيع أن نمارس طقوسها بكل ما أتت به ولأجله, أليس الدفع بأن أمنعك من السقوط حين أراك تسقط, أليس من الدفع أن أكون لك حيز الإسناد عندما تفقد قدرتك على الوقوف, أليس من الواجب أن أكون علمك عندما تحتاج ان تتعلم ما ينقصك وتستزيد, أليس من واجبنا تجاه بعضنا بعضا أن تغفر الزلات ونجمل اللحظات ونفشي السلام بيننا, لنجمل الحياة.

ماذا تريدني أن أقول أكثر لتجعل ذاتك تستفيق, ماذا تحتاج أقوى من طرقات هذا التفسير لتجعل لذلتك ولنفسك ولروحك كيانها الذي تستحق, وتستفيق من ظلمات ما صنعوا وتغادره الى حيث تستحق أن تكون.

أعلم أنني أرهقتك, لكنني أتألم ويزعجني أن أتألم وحيدا, أنت وأنا وهم, جميعنا مصدر وسبب هذا الألم الذي لا يفارقنا, ويجعل منا أدوات افتراسه ومتعته التي لا تنتهي, هذا ما صنعوه لنا قدموه على أنه علاج لذواتنا لنرتقي حسب مفاهيمهم, ألديك إجابة على هذا السؤال, لماذا نحن قوميات وإثنيات وعرقيات وعقائد متعددة, من صنع هذا وقسمنا الى حضائر, وحولها الى سجون بأسوار يستحيل تجاوزها, أليس هم من صنعها, أليس هم من قولبنا فيها, أليس هم من أوجدها وأوجد قيمها ودساتيرها, وجعلنا مجرد أدوات نقتات عليها لكي لا نفقد أسوار حضائرنا. أليس هم من أقنعنا بأننا أن تجاوزنا هذه الأسوار سنخرج من دائرة السلام الى دائرة الهلاك, أليس هم من أقنعنا بوجود الأعداء, والمتربصين, أليس هم من أوجد أدوات الحرب والهلاك, أليس هم من يقتات على أرواحنا ودمائنا وخيرات أراضينا, أليس هم من أفقدنا قيمتنا الحقيقية وأبعدنا عن التعامل بها والسكون إليها الى أن تم نسيانها قسريا دون وعي منا, أجل يا صديقي هذا ما يتوجب عليك محاكات نفسك به باستمرار, لأننا فقدنا القيمة الحقيقية التي تجمعنا نحن الإنسان بكل قومياتنا وعرقياتنا وعقائدنا, فقدنا جوهرنا السامي, الذي يتوجب علينا الرجوع إليه الآن ودون تفكير, إنسانيتنا, هذه القيمة السامية التي يتوجب علينا إتباعها وجعلها الجامع المشترك بيننا لكي نتمكن من جعل حياتنا أنقى وأجمل, هي السمة والصفة الوحيدة التي تجمعنا بكل قيمها وكل ما أتت به لأنها الفطرة الأسمى التي فطرنا عليها, أو خلقنا الله عليها, وهي الوحيدة التي تستطيع جمعنا نحن الإنسان من جديد لنكون, كما نتمنى أن تكون حياتنا.

هذا ما أتمنى أن تكتنزه ليكون دستورك وقيمك الأسمى التي تسلح بها ذاتك, وليس أكثر من هذا, يكفينا أن نكون إنسانيين, يكفينا أن نكون قيمها وأدواتها والمتفاعلين معها, والدافع للآخر ليكون متبني لها كما هي, أليس مجرد التفكير بهذا الأمر يجعلك تبتسم, أجل أنا أستشعر ابتسامتك وأنت تقرأ هذه الكلمات, وأشعر بنطاقك الروحي وهو يشع نورا وأنت تتغلب لإنسانيتك على جميع قيهم البالية المهلكة.

كم هو جميل عندما نقرأ سيرة من سبقونا وجعلوا من أرواحهم منارة الغد الذي يستحق أن نتمرد ونكافح لأجله, أليس الحاج مالكوم أكس, أيقونة إنسانية تستحق أن يقتدى بها, أليس هو من عاصر الحياة بكل ما أتت به هذه العقول المصنعة والمقولبة لحياة الآخر, أليس الحاج مالك, هو الإنسان الذي انطبقت علية هذه الحياة بكل تفاصيلها وصفاتها ونتائجها, أليس هو من قاد نفسه وذاته من الضياع الفعلي الى النور الأبدي, أليس هو من دخل في هيكلية الجماعة الإسلامية الى درجة الاقتناع المطلق, بأن جماعة الايليجا محمد هي الخلاص من سجد العبودية الأبدي, أليس هو من قال هذا وحدث به بقية أبناء جنسه, أليس هو من لم يقطع بحثة, وجاب البلاد وخالط العباد, ليصل الى ذلك النور الحقيقي الذي للحظة ما أعتقد أنه قد توصل إلية, أليس هو من أكتشف بذاته أن جماعة الايليجا, ما هي الا جماعة تسلطية مصنعة ولها غاية وهدف يتنافى بالمطلق مع الهدف الاسمى, وهو الخلاص الحقيقي من العبودية والرضوخ للآخر وافكاره, أليس الحاج مالك الذي كانت نهاية على يد جماعته التي تبنته في بداياته الى أن أصبح الإنسان المؤثر من خلال ما يتوجب عليه القيام به, وتطعيم عقول العامة به ليكونوا أدوات وفكر الجماعة, عبودية مقنعة, حيث أن هدف الجماعة خروج المجتمع الأسود من عبودية الرجل الأبيض, ليدخل في عبودية الفكر المصنع, ومن حيث الخطر لا فرق بينها من حيث هلاك الإنسان على يد أخيه الإنسان, لكن ما فعله الحاج مالك هو تخليصهم من هذا النمط الفكري المصنع, والذهاب بهم نحو النور الحقيقي, النور الذي مصدرة أنت هذا النور الذي لا يراه أحد غيرك, أنه النور الذي يسكنك ويزودك بما تحتاج لتكون كما تتمنى أن تكون,

هذا هو الحاج مالك الذي خرج من بين ملايين البشر ليحمل شعلة الحق منفردا, وينير ظلمات جعلتنا نتمكن من رؤية ذواتنا ومن حولنا, هذا هو ملاك الحرية الذي دفع حياته لأجلنا ولأجل أن نكون يوما ما (مالكوم أكس)

نعم لقد دفع الحاج مالك حياته لتعيش الفكرة, لأن الإنسان فكرة والفكرة لا تموت, رحل الحاج مالك عن عالمنا وبقي حي في داخلنا لا يموت أبدا, وسيعيش ما عاشت البشرية.

سيبقى أيقونة التمرد على الظلم, وسيخلد في عالم الحرية ذكرة وسيأتي الجميع من بعدة, لحمل هذه الراية التي لن تسقط أبدا, هذا ما يتوجب عليك أن تكون.

الرحمة لروحك الطاهرة, الحاج مالك الشباز, كما كان يحب أن يكون أسمه.

السلام والخلاص للإنسان, وليعم السلام والأمان أرضنا

كلمات من كتابي هلاك الطيبيين.

أسامه حريدين \ Ossama Hredeen

3 أفكار عن “اذا أصبحت حياتك ملوثة, فلا تلوث حياة الآخرين.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *