فلسفة الصراع
أن الصراع في مفهومة العام ناشئ عن كينونة الإنسان الفرد وهو أحد المهام الذاتية التي ترافق الإنسان قسرا خلال فترة حياته, سواء إن رضي بها أم لم يرضى, لأن هذه فطره ذاتية التوالد وتتبع مقدار الوعي التكويني للإنسان من حيث النمو الفعلي للبنية العقلية لدية, ونقول البنية العقلية لأن الصراع مفصول كليا عن كينونة العقل البشري وما يخضع للعقل البشري من هذا المفهوم هو الحوكمة الذاتية لإدارة الصراع سواء الصراعات الذاتية التي يعيشها, أو الصراعات تجاه الآخر, وهذا يقودنا الى فهم طبيعة التكوين لمفهوم الصراع بتعريفة على أنه مجموعة أحداث توالديه تنتج عن رغائب النفس البشرية بشموليتها, وأيضا يتبعها الصراعات مع الآخر والتي لها امتداد لا ينتهي من الأحداث, والتي هي بطبيعتها نتائج لأفعال وأفكار أيضا لا تنتهي, وهذا يعتبر توضيح مبهم فضفاض لكن أن أطرناه بالقيم الإنسانية وما تحمل من صفات وأخضعنا جميع أفعالنا التي هي في الأصل صراعات فكرية ورغائب وشهوات نفسية لمفاهيم الإنسانية المطلقة وجعلها تسير ضمن إطارها الانضباطي بما يخدم الإنسان الفرد أولا ومن ثم الآخر ستكون جميع صراعات الإنسان منضبطة ونتائجها دائما لا تقود الى العنف البشري .
أما إن أردنا الحديث عن كيفية وجود الصراع ومن أوجده فنقول باختصار أنه أزلي ووضعت أولى مفاهيمه عندما خلق الله سبحانه سيدنا آدم علية السلام وما زال جسد بلا روح فأمر الملائكة أن تسجد له الا إبليس أعترض على أمر الله وقال خلقتني من نار وخلقته من طين, هنا أول مفهوم للصراع وأول لحظة في الحياة البشرية, ظهر الصراع جليا من خلالها , ومن ثم أمتد من تلك اللحظة الى يومنا هذا, بمعنى أننا ومن ضمن بنائنا التكويني خلق الصراع كأحد روافد النفس البشرية, وتوضيحا لهذا أن الشيطان طلب من الله سبحانه أن ينظره الى يوم يبعثون, لأقعدن لهم صراطك المستقيم. وهنا وضع أول مفاهيم الصراع بالمطلق (الإيمان والكفر. والحق والباطل ) هذا يجعل الباحث يقف على قاعدة صلبة ليبدأ بحثة في علوم الصراع ومخرجاتها وأيضا أيجاد الحلول التي تتوافق وطبيعة الصراع.
والآن وبعد هذه المقدمة ما هي الأسس التي يتوجب على الباحث المبتدأ في هذا العلم الفلسفي المعقد في جوهرة والبسيط في فهمه أن سار الباحث حسب القاعدة العلمية في بحثة, نقول على الباحث ولكي يجعل علمه غزير المعرفة في استدراك أبحاثه ومنطقية أطروحته يتوجب عليه البدء في دراسة علم الاجتماع لأنه يوضح للباحث الهيكلية البنائية للمجتمعات بكافة أطيافها وألسنتها وعقائدها , وهذا يجعله في نفس الوقت يعود لأصل الفكرة التي نتج عنها المجتمع والتي منبتها العقل البشري, الذي بدوره أوجد بذرة الفكرة وطورها وأوجد لها المريدين وبنفس الوقت جعلهم يستقطبون المزيد الى أن تحولت الى حركة ومن ثم تطورت الى أن أصبحت دستور وبطبيعة الحال يصبح هذا الدستور هو المرجع والمتحكم وأيضا المحتكم إلية أي بناء اجتماعي, وعندما قلنا اجتماعي فهو قلب علم الاجتماع . ودعونا نعطي أمثلة على بعض الأفكار التي هي في بعضها نتاج العقل البشري وكيف تحولت الى حركات ومن ثم أصبحت سلوك اجتماعي ,
أولا: نبدأ بالديانات السماوية فهي خير دليل على أثبات نظريات الصراع البشري المذكور سابقا في بداية المقال , وبتنا نعلم جيدا كيف بدأت الفكرة , من الإنسان الفرد الموحى إلية ومن ثم أصبحت جماعة والجماعة تحولت الى سياق مجتمعي , ومن اللحظة الأولى بدأ الصراع حول الفكرة, صراع الإثبات والإنكار, وجميعنا يعلم بقية الإحداث الناتجة عن مفاهيم الصراع التي نتجت عن قيم الرسائل السماوية والتي ما زالت البشرية تعيش هذا الصراع الى يومنا هذا والذي سيستمر الى أن تأتي لحظة النهاية الحقيقية, موت البشرية جمعاء والبعث من جديد لكي يفصل في هذا الصراع الدنيوي بين قيم الخير والشر ,الايمان والكفر .
ثانيا: عندما يبحر الباحث في دراسة علم الاجتماع سيجد أن الصراعات البشرية لا تنتهي, وأن أحد أخطر هذه الصراعات والتي نتجت عن حركات التغيير الديمغرافي والذي هو بطبيعته نتيجة حتمية للاحتلالات التي قامت بها شعوب تجاه شعوب أخرى, والحركات العنصرية والتي بطبيعتها ما أن ولدت هذه الحركات باتت سلوك مجتمعي عابر للحدود والقارات, والذي يقوم في صلبه على كره الإنسان لأخيه الإنسان فقط لأنه لا يشبهه بالون أو لا يتبنى عقيدته أو لا يتطبع بطبيعة المجتمع أن كان الناشئ منها أو الأصيل, وبمجرد أن يتوصل الباحث الى هذه النتيجة عليه أن يعود الى قاعدة البيانات التي تتبني هذه الأفكار العنصرية والتي بطبيعة سياقها الدلالي ستقوده الى الإنسان الفرد وأن كل ما بحث عنة وقام بدراسته ما هو الا بذره لعقل بشري أوجدها وغرسها فكان نبتها الشر وإنكار القيم الإنسانية, حيث أفضت نتائج هكذا فكر الى مآسي عاشتها شعوب في أرضنا ولم نكن نعلم عنها شيء الى أن أتت العقول المتنورة والمفكرة وحاربت هذا الفكر وبدأنا نعلم جيدا مفاهيم هذا الصراع ونشأته وآثاره على الإنسانية, ولنا مثال أنا تعلمت منه الكثير, مالكم أكس.
ثالثا: صراع الدول في مفهومة الحديث, لكن وبمجرد الإبحار في هذا المفهوم ستكتشف أنه أزلي أيضا, ويتجسد هذا في بداياته, في الصراع القبلي القائم على الغزوات, ومنه أستمر الى يومنا هذا لكن ما تغير هو أننا بتنا نسمع بالحدود وأيضا أدوات وآليات الصراع , وكيفية نقله من الصراع المباشر الذي كان يعتمد على الالتحام المباشر بين الجنود والغلبة تكون فيه لقوي البنية الجسدية, الى أن وصل التطور بالبشرية الى اختراع أنواع جديدة من الأسلحة والتي باتت لا تحتاج سوى الى طاقه تنقلها من مكان الى مكان آخر لتسقط على شعب وتقتله بالكامل في لحظات.
وهنا سيقوم أحد القراء بالسؤال؟ بأن جميع التفسيرات حول مفهوم أو علم الصراع متقاربة في السرد التفسيري, فنقول بأن الإيضاح في سياق السرد التفسيري هو فئوي, والغاية منه تقريب الباحث من القدرة على الفصل بين توافقات وأيضا تناقضات مفهوم الصراع وتقسيمها الى خطوط ارتكاز تبسط المعلوم, و لكي تقود القارء بشكل مباشر الى الحالة الجدلية حول طبية الصراع بشموليته وأجزائه.
لأننها قلنا سابقا أن الصراعات أزلية في طبيعتها ووليدة, يعني تتوالد دون توقف, حيث أن هذا التوالد للصراعات يغير من سلوكيات شعوب كاملة وأيضا أنظمة حكم.
مثلا لم يكن هناك صراع طاقه قبل وجود البترول, وجد البترول, فكانت النتيجة وجود صراع وليد أدى هذا الصراع الى إعادة هيكلة الحروب وسياسات الدول.
أيضا في مثال آخر, عندما بات كوكبنا يتأثر بشكل مباشر بالتغير المناخي الذي أفضى الى تغير في طبيعته الجيولوجية, وانتشار التصحر ونقص المياه, بتنا نرى نوع جديد من الصراعات والحروب قائمة حول المياه.
هذه أمثلة بسيطة حول أنواع الصراع وطريقة توالدها, أو أسباب توالد هذا النوع من الصراعات, لأن الباحث لا يستطيع أن يجعل موضوع بحثة الصراع بمفهومة الشمولي, الا في مقدمته التعريفية , ومن ثم يجب عليه أن يحدد نوع الصراع الذي سيكتب عنه كتابه , أو عنوان لمحاضرته التي سيناقش فيها جمهوره بشكل مباشر, أو مادته الفيلمية سواء سينما تمثيليه ,أو وثائقية , لأن تحديد نوع الصراع في الطرح يجعل المتلقي يصل الى نتيجة حتميه حول مغزى هذا الكتاب أو المحاضرة أو الفيلم .
والآن أعتقد بأن هذا المقال أصبح فيه شموليه من حيث التعريف بمفهوم الصراع الذي يحتاجه القارء ليعلم كيف يبدأ وما يتوجب علية, و ليتبع نمط معين من الصراع , وأيضا أعود لأقول أنه الإنسان هذا المخلوق الذي كرم بخلقة وأهان ذاته بتصرفاته وسلوكياته , هذا أيضا يحتم على الباحث القارء أن يتوقف قليلا عند هذا الشيء التوضيحي عن الإنسان وتكوينه وطريقة تفكيره , ونفسة وتكوينها وتفنيد طبائعها وصفاتها , كل هذا يجعل الباحث والقارء يتوصل لنتائج تجعله يمتلك معرفه حول هذا الكيان تحثه على البحث أكثر , وتجعل كل ما يستنتجه صحيح ومتبنى فكريا .
وفي الختام أنهي بسؤال . لماذا يتصارع البشر ولأجل ماذا ؟ هذا ما نحتاج التوقف عنده والتفكير فيه مليا, ونحن ندرس علم الصراع بحيث نتوصل الى نتائج إجابيه من خلال دراستنا وبحثنا , والتركيز على الكيفية في صياغة ما نستنتجه , وجعله مفهوم لجميع الفئات المجتمعية, لأن البشر متفاوتون في استدراك المعارف لكنهم قابلون لتقويم السلوك النفسي والفكري والإنساني, وهذا ما نريد أو نتطلع إلية أن يكون عالمنا أخلاقي بإنسانيته , وعادل في صراعاته التي لا بد منها ومنطقي في أحكامه , وكاره للظلم وأهله ونابذا للشر وفي ما يتسبب به لأخيه الإنسان .
لأن الله سبحانه خلق هذه الأرض وخلق ما تفوق حاجة مخلوقاتها من خيرات.
واذا أردنا أن نقتصر المعلومة على حاجة الإنسان فقط , فالأرض تنتج ما قيمته 108 % من حاجة البشر من خيرات وكل ما يحتاجه الأنسان ليستمر بالحياة .
أذا لماذا الصراع , ولماذا هذه الحروب ولماذا كل هذا القتل والتدمير والتشريد , كل هذا يحتاج الى براهين ومن المؤكد أنها ستكون غير منطقية وتتنافى مع جميع الأعراف والقيم الإنسانية.
لذلك أجعل كل ما تقوم بالبحث عنة وكتابته يحمل نتائج إيجابية وتكون قيمتها المضافة زيادة الوعي الإنساني , وحثه على الكفاح لأجل الإنسان وحريته .
دمتم بخير وليعم السلام أرجاء الأرض, ولتبتسم الإنسانية
أسامه حريدين \ osama hreden
استمر 🤍
شكرا استاذ اسامة الصراحة الموضوع استوقفني لبرهة من خلال عمق المقال
كل التوفيق استاذ أسامة، والله حقيقة تفسير منطقي وبسيط.
هذا الموضوع يحتاج إلى توضيح مستمر .
شكرا أستاذ أسامة على المقالة الثري بالمعلومات
Fantastic insights! Your perspective is very refreshing. For more details on this topic, visit: EXPLORE FURTHER. What do others think?
I enjoyed the wit in this article! For more on this, visit: READ MORE. What do others think?
Very insightful article! Its great to see such well-researched content. Lets talk more about this. Click on my nickname for more!