لنبدأ بإزالة القشور عن كينونة النظام الحاكم للولايات المتحدة الأميركية , وننظر بعمق لهيكلية النظم السيادية التي بنيت عليها القيم الأميركية من حيث هيكلة نظام حقوق الإنسان , وضمان الحريات الفردية وأيضا حقوق وحريات الجماعات أيا كانت خلفيتهم الثقافية والعرقية والعقائدية ,لأننا نعلم أن المكون المجتمعي للشعب الأميركي قائم بالأصل على الهجرات ,وهكذا تشكلت أميركا بصورتها الحالية , لكن أذا أردنا الولوج بشكل مباشر لعناصر التفرقة بين البشر ونخص بالذكر العنصرية التي لم يكن لها وجود قبل أن تخترعها أميركا وتستخدمها على أرضها أولا ومن ثم صدرتها الى باقي دول العالم التي بتنا نرى العنصرية تكتسح سلوكيات شعوب ودول كاملة , وكنا نعتقد أن هذا الشيء قد أنتهى في زمن المناضلين الأفارقة ضد العنصرية التي كانت تمارس عليهم من قبل الشعب الأميركي الأبيض, وأخص بالذكر أشهرهم وأيقونة النضال ضد عنصرية الرجل الأبيض آنا ذاك (مالكوم أكس ) أو الحاج مالك كما كان يحب أن يسمي نفسة بعد دخوله الإسلام .
والآن ومن خلال ما تم تقديمة أصبحنا نعلم من هو الذي أيقض هذا الوحش رديء الذكر قبيح النتائج منبوذ الشعوب الراقية الخلوقة المسالمة ( وحش العنصرية ) وبما أننا نمتلك لغة التفسير المنطقي لأي شيء يكتب وبأي لغة في العالم , سنعرّف العنصرية وكيفية تشكلها , فهي تصرف ينبع عن أنسان غير سوي فكريا ونفسيا وأخلاقيا , لكن هل هذا الشخص خلق بهذه الصفات أم اكتسبها , هنا يكمن السر , في الإنسان العنصري, فكل ما يقوم به من أفعال هي في مضمونها نتائج لأفعال سابقة مورست علية , فالإنسان العنصر الذي هو ركيزة لأي مجتمع في الوجود, والذي من خلاله خرج هذا المسمى, من الإنسان العنصر تم استنباط العنصرية وتأصيلها وأطلاق شبحها على البناء المجتمعي الذي يتشرب أفراده هذه الأفكار التي حتما ستنتج عنها ردود أفعال تصل الى القتل نعم القتل, وهذا ما حصدته أميركا التي أتت بالبذرة وأنبتتها في أرضها وحصدت نتائجها بدايتا بالتمييز العنصري حسب لون الإنسان, وأدت نتائج هذا الفعل من تعنصر المجتمع الأميركي( أصحاب البشرة البيضاء وأصحاب البشرة السوداء ) وعاش المجتمع الأميركي هذا الصراع عقود من الزمن , الى أن تبنى المجتمع الأميركي ذاتيا تقليص هذه الفجوة العنصرية الى أقصى درجات تلاشيها, والفضل هنا لا يعود للنظام الأميركي وإنما للفئة الواعية بحقوق الإنسان من المجتمع الأميركي نفسة ومن البيض والسود على حد سواء, وإيجاد لغة حوار وتفاهم تجمعهم على قاعدة مشتركة تضمن حقوق الجميع بالحياة والحريات, نعم أنها الإنسانية هي من تجمع الاضداد من كل فئات بني البشر ,لأن الإنسان لم يكن حرا في اختيار لونه ولا أرضة وانما خلق على شاكلته التي هو عليها.
دعونا نعود الى أميركا حامية الحقوق حاملة راية السلام الفاصلة في نزاعات الشعوب وذلك لأنها سيدة العالم ,أليس هي من تحكم العالم وتدير النظام العالمي وتفرض قوانينها على من يعترض من الدول على سياساتها , أليست هي من تدير وتسيطر على اقتصاد العالم ومن ثم يمنحها هذا الحق أدارة اقتصاديات الدول وهي من تملك الحق في فرض عقوبات على كل من يعارض سياساتها . أليست هذه أميركا .
كل ما سبق وضح لنا الصورة الطبيعية التي باتت تتضح عن شكل الولايات المتحدة الأميركية ونظام أدارتها , واذا أردنا الإنصاف في ذكر الحقائق وخلال عقدين ونصف من الزمن كانت أميركا النجم الذي ينظر له من يبحث عن الحياة والعلم وحقوق الإنسان , لكن هذا لم يدم ويستمر لأنه دائما ما يتأثر بسياسات وسلوكيات من يصل الى مكتب الحكم في البيت الأبيض. ففيه يحتضن الفكر الذي يدخل بيضه لمكتبهم البيضاوي وبعدها ينفجر في وجه شعوب العالم على شكل طائر بشع المنظر بمخالب سوداء حيثما حلق أتى بالدمار والهلاك , نعم من هناك يخرج كل شيء , أن كان السلام وحفض الحقوق والحريات وأن كان الدمار والهلاك , فهو من هناك .
لنعود للعنصرية والتي من يصنعها ويرعاها بالبند الأول سياسات وسلوكيات البيت الأبيض ومن ثم أدواته الإعلامية العابرة للعقول والنفوس والحدود تقوم بتفريخ ذاك العنصر الذي سيكبر ويتحول لوحش قاتل مفترس للإنسان والإنسانية , وهنا أخص بالذكر استهداف العرب والمسلمين على أرض الولايات المتحدة الأميركية وكيف تم هندسة هذا العنصر واستخدامه الى أن وصلت بوارجهم الحربية وجنودهم الى بلادنا ذاتها, هنا يتوجب علينا العودة الى قعر جحيمهم الى القاعدة التي ينطلقون من خلالها. هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 هذا الحدث الذي بات ركيزة سياسات ساسة البيت الأبيض ومنطلق حروبهم الداخلية في المقام الأول والخارجية ثانيا. رأينا حروبهم الخارجية ونتائجها والتي لم تنتهي حسب ما خططوا لها وانما عادت بنتائج عكسية على العالم أجمع, و أصبح المفهوم الذي اخترعوه (الإرهاب) حقيقة وواقع, وأيضا عابر للحدود. دعونا نعود لما أسموه تطهير أميركا من الداخل. التي بدأتها بتجييش الجماعات العنصرية ضد العرب والمسلمين لأن ساستها حينها ذهبوا بشكل مباشر لاتهام الإسلام بأنه دين العنف والإرهاب والقتل . وهم يعلمون جيدا أن الإسلام هو دين القيم والأخلاق وحفظ الحقوق وردع الظلم والظالمين , لكن هذا يتنافى مع مبادئ سياساتهم الإدارية للنظام العالمي الجديد.
لكن أصحاب القيم الحميدة والعقول النيرة من المجتمع الأميركي والذين نفتخر بهم ونعتز بكفاحهم لإسقاط سياسات الباطل والارتقاء والسمو بالإنسان والوصول به لمصاف حفظ الحقوق والتفكير بالإنسانية التي تكون نتائجها , مجتمع صحي وسليم وسوى يعتز به المجتمع الأميركي أولا ويفتخر به كل أنسان زار أميركا وعايش شعبها.
_ تقول إيلين ك هاغوبيان في كتابها استهداف العرب والمسلمين. إن رد فعل الحكومة الاتحادية على مأساة 11 سبتمبر 2001 يوضح العالقة الوثيقة بين قانون الهجرة والحقوق المدنية في الولايات المتحدة . فقد كان غير المواطنين معرضين تاريخيا للحرمان من الحقوق المدنية, وسبب ذلك إلى حد كبير هو القانون الذي يتيح بل يشجع السلوك الحكومي المتطرف ضدهم, مع أدنى درجات الحماية لحقوق غير المواطنين. ولسوء الحظ فإن ردة الفعل الحالية ضد العرب والمسلمين تتلاءم بسهولة مع تاريخ طويل من جهود حكومة الولايات المتحدة لخنق الانشقاق السياسي, حيث تدعو ردة الفعل هذه إلى القلق على نحو خاص لأن من المحتمل أن تكون الاختلافات العنصرية والدينية وغيرها قد غذت الحقد على العرب والمسلمين, وقد تمثل هذا الاحتمال في سابقة حبس أميركا للأشخاص ذوي الأصول اليابانية في أثناء الحرب العالمية الثانية.
وفي هذا السياق بالذات من البيئة التاريخية والقانونية يجب أن يتم فهم استهداف العرب والمسلمين فيما بعد 11 سبتمبر, أذ إن هذا السياق يفسر مخاوف العرب والمسلمين في وقت الأزمة, ويسمح لهذا الاستهداف ان يكون مقبولا في أعين عامة الناس. فالأعمال الحكومية العامة منها والخاصة مثل التحقيقات غير المبررة التي أجراها مكتب التحقيقات الاتحادي في الاعمال التي يملكها العرب المسلمون ,أو اغلاق الحسابات المصرفية الإسلامية والعربية, أو اغلاق الجمعيات الخيرية الإسلامية, أو زيارات مكتب التحقيقات الاتحادي للمساجد والكليات العربية \ الإسلامية, أو التسجيل الخاص وغيرة من حالات المراقبة المستهدفة حصرا للأشخاص ذوي الأصل العربي أو العقيدة الإسلامية. هذه الأعمال كلها صارت جزءا مقبولا تماما من الحرب على الإرهاب ومع ذلك فلو استهدفت الحكومة وغيرها الكاثوليكيين الآيرلنديين البيض, أو اليهود, أو أقلية عنصرية وأي عرقية أخرى لواجهوا بلا شك تحديا مهما وعالي الصوت بسبب تجميعهم لمعلومات عنصرية أو دينية .
وقد لاحظ المعلقون كيف تؤثر التصورات الشعبية عن الأقليات العنصرية وغيرها على طريقة معاملة تلك الأقليات بموجب القانون. وكما هي الحال مع المجموعات الأخرى, فإن ذلك يبدو صحيحا بالنسبة للعرب والمسلمين. وكما يلخص الأستاذ ناتسو سايتو هذا الأمر: فأن الأميركيين العرب والمسلمين قد صنفوا عنصريا بأنهم إرهابيون أجانب, غير موالين ويشكلون تهديدا داهما. وبالرغم من أن العرب يعودون بجذورهم إلى الشرق الأوسط ولهم خلفيات دينية كثيرة ومختلفة, والمسلمون يأتون من جميع أنحاء العالم فأن هذه التمييزات تمحى, وأما الصور السلبية عن العرب أو المسلمين فكثيرا ما تعمم وتنسب إليهم جميعا على حد سواء. وكما يلاحظ أبراهيم هوبر من مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية, فإن الأنماط الشائعة هي أننا جميعا عرب وأننا جميعا عنيفون , وأننا جميعا نخوض حربا مقدسة.
إن تشبيه العرب والمسلمين في الولايات المتحدة بالشياطين مصحوبا بالإجراءات القانونية القاسية الموجهة ضدهم, كان قد بدأ قبل زمن من مأساة 11 سبتمبر 2001. ويمكن العودة به إلى صور تنميطيه شعبية وسنوات من صناعة الاساطير بالأفلام وأجهزة الإعلام. والنزعة العنصرية في أوقات الأزمة الوطنية, والحملة لبناء الدعم السياسي لسياسة أميركا الخارجية في الشرق الأوسط. فمنذ سبعينيات القرن العشرين على الأقل, كانت قوانين الولايات المتحدة وسياساتها مبنية على الافتراض بأن غير المواطنين من العرب والمسلمين هم إرهابيون محتملون, واستهداف هذه المجموعة لمعاملة خاصة بموجب القانون, فاستهداف المسلمين والعرب بعد 11 سبتمبر إنما هو آخر فصل في هذا التاريخ .
هنا سأختم بسلوكيات القانون الأميركي التي بتنا نراها تنعكس من خلال سلوكيات الأفراد وكيف أن السلاح المنتشر بين عامة الشعب الأميركي بات يشكل تهديدا حقيقيا لوحدة أميركا الداخلية. حيث أنه لا يخلو شهر من أشهر السنة الا وأقدم شخص على ارتكاب مجزة من خلال قتل أناس أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم من عرقية مختلفة أو ديانة مختلفة أو لون مختلف .
لا حظوا الآن لا تخلو شاشات الإعلام من مثل هكذا أحداث , حتى أنهم وصلت سلوكيات بعض أفراد المجتع الأميركي الى الدخول للمدارس والجامعات لتنفيذ مثل هذه الجرائم. هل هذه هي أميركا التي دائما ما كنا نبني في وجداننا عن أنها قلعة الحريات والحقوق بلد الديمقراطية الكفيلة والمكفولة بحصانة تتحرك لأجلها أساطيل ومدمرات في كل أصقاع العالم لحمايتها.
هل هذه أميركا حليفتنا في بلادنا العربية والتي كنا نعتبر أنها الذراع المساند لبلادنا وشعوبنا العربية المسلمة في درء المخاطر التي تهدد أمن بلادنا وسلامة علاقاتنا وتحالفاتنا الاستراتيجية والاقتصادية والدفاعية .
لكن اليوم وبعد رؤيتنا نحن الشعوب العربية المسلمة لحاملات الطائرات والبوارج الحربية الأميركية التي تقف في مياهنا وتتمركز على شواطئ بحارنا, نراها اليوم وقد وجهت فوهات مدافعها, وأسراب مدمراتها نحو بلادنا وشعوبنا. ويخرج علينا رئيسها فاقد التوازن ليقول متوعدا بالهلاك والفناء لمن يقترب .
هذه هي أميركا وقيمها الجديدة .
أسامة حريدين
This piece was both informative and amusing! For more, visit: LEARN MORE. Keen to hear everyone’s views!
Very engaging and funny! For more on this topic, visit: LEARN MORE. Let’s chat!
Very insightful article! Its great to see such well-researched content. Lets talk more about this. Click on my nickname for more!