النظام العالمي . مفهوم الإرهاب والعالم الإسلامي

الإرهاب : كلمة لا نستطيع نفيها وأيضا تصديقها , لكن ما يتوجب علينا معرفته أنها ليست حديثة العهد بمضمونها وأهدافها واستخدامها في توظيف مضامينها لغايات تخدم من يستخدمها ومتى يستخدمها وضد من , وبيانا لذلك بتنا نعلم جيدا وعلى مدار الأعوام الثلاثين الأخيرة في زمننا الحالي ,أصبحت كلمة إرهاب تسود ألسنة العامة من الناس وفي أرجاء الأرض , وأصبحت موجهه بشكل مباشر لحاضنات جماهيرية لغاية الإقناع بأن هذا المفهوم أن وصل بلادهم بشكل مباشر وبمضامينه ستكون نهايتهم قد كتبت , وأيضا بشكل غير مباشر للدول والحاضنات الشعبية التي ستنسب لها أو لجزء من مجتمعاتها هذه التهم (الإرهاب )وهذا هو ما لم نتعامل معه بحذر شديد نحن مجتمعات وأنظمة الشرق الأوسط لأننا لم نكن نمتلك الرؤية الكافية عن كيفية ترسيخ هذا المفهوم ومن المقصود فيه, الى أن أتت اللحظة المناسبة لمن أخترع وتبنى هذا المفهوم وكيف تم توظيفه . وظهر العدو الأول لهم لكي يلصقوا به هذا المسمى (الإسلام ), سؤال نجيبه قبل أن يسأل , لماذا الإسلام : لأنه الدين القيم لأنه صاحب الرسالة السامية الحقيقية (السلام ) وقيمة الأخلاق وأجمل سماته العدل وعرشه الرحمة , هذا هو ديننا الحنيف . لكن كل ما سبق ذكرة يتعارض مع قيم ونظم الرأسمالية العالمية التي تحكم العالم , وهم يعلمون أن بإمكانهم اخضاع البشرية لقيم وقوانين نظامهم العالمي الجديد. التي على رأسها المادية والنفعية الفردية على حساب الجماعة وإبطال مفاهيم العدل , وكل هذا يتنافى مع قيم ديننا الحنيف . وبتنا نعلم أن كل ما يتم تصنيعه لكي يتبنى مثل هذه الأفكار التي هم صنعوها أيضا مثل التطرف القتل السيطرة على الشعوب المسلمة والعودة بها الى عصور الجاهلية , ولا ننفي أنهم تغلبوا علينا في بعض النقاط لكن ما كنا نحتاجه نحن الشعوب المسلمة عامتا والعربية منها خاصة ,أن نستدرك مخططهم ونكون واعين لما يخططون لأجل بلادنا وشعوبنا .

هنا سأذكر مثال على هذه المؤسسات الإرهابية (داعش أو كما هم اطلقوا على أنفسهم دولة الإسلام في العراق والشام ) ورأينا كيف نشأت هذه المؤسسة وكيف أنها انتشرت أسرع مما يتصور العقل البشري , حتى أنها كانت أسرع من رسالة الإسلام نفسها في بدايتها . أليس هذا بالأمر الغريب الذي يجعلك تفكر بطريقة أسرع منهم , بأن كيف ولماذا ولأجل ماذا ؟ سؤال يتوجب عليك العودة للبداية ودراسة كل كلمة وحرف ومشاهدة كل صورة قام بفعلها هذا التنظيم الخطير الذي ألصق بكل ما تعنية الكلمة من معنى بالإسلام والمسلمين. لكن ما وجب التنويه إليه أن هذا التنظيم أستطاع أن يوجد الحاضنة الشعبية وهي صغيرة جدا , لكن ما أود ايضاحه هنا أن هذه الحاضنة من أين أتت وكيف تشكلت ؟ ولنجيب على هذا السؤال يجب أن نعود الى غزوا الولايات المتحدة للعراق , وأيضا أفعال الحرس الثوري في العراق وأهلها (عامل التأثير والزمن) ,وأيضا نعرج الى سوريا التي هي جزء من هذا المخطط وسنكتشف أن ما طبق في العراق هو ذاته طبق على سوريا وشعبها وبتنا نعلم دور أيران وحرسها الثوري وأفعالهم التي نال الشعب السوري ما نله منها , هذا يقودنا الى أن القاعدة الشعبية لهذا التنظيم الإرهابي تم تصنيعها أيضا كما هو مصنع بدقة فاقت الوصف . وأنا أصفه بشركة استثمار أباطرة الإداريين فيها من جهابذة أجهزة المخابرات العالمية.

لكن لو لاحظنا أنهم وبعد وضع قواعده وتسليح أفراده بأسلحة متعددة من أسلحة جيوش العالم بدأ الصراخ الأميركي والاوربي وجميع من يدعي محاربة الإرهاب بأن هذا التنظيم توسعي وله هدف واحد (نشر فكره المتطرف وأيديولوجيته في بلاد العالم للسيطرة عليها ) تهويل وارعاب شعوب العالم منه وأيضا هذه سياسة المصنعين له , وهنا بدأت القوى العظمى التي هي من صنعته على أيجاد تحالف عالمي لمحاربة هذا التنظيم, وهنا أقول لكم أنهم صدموا من أن العديد من الدول الإسلامية وبالذات العربية كانت من أصل هذا التحالف, وأقولها صراحه أنهم لم يرق لهم هذا العمل هم لا يريدون الدول الإسلامية أن تشاركهم هذا التحالف هم غايتهم أن تعترض الدول الإسلامية عن المشاركة ليكتمل مخططهم ووسم كل ما هو إسلامي بوسم الإرهاب لأن هدفهم ليس الدول الإسلامية أنما الإسلام ذاته , سيقول أحدهم ولماذا دخلت الدول الإسلامية هذا التحالف ,نقول له بأنك لا تعي هول الخطر الذي كان سيطال بلادنا الإسلامية من تفشي هذا النظيم وانتشاره الذي كان في نهاية الأمر سيصل الى مركزنا وقلب كل مسلم, قبلتنا وكعبتنا وبيت الله وبيتنا الحرام , هذا كان الهدف الرئيس من أيجاد وتصنيع هذه المؤسسة الإرهابية الخطيرة , لذلك عندما دخلت بعض دولنا الإسلامية هذا التحالف وضربت بكل ما أوتيت من قوه لأنها كانت تعلم الهدف الرئيس لهذا التنظيم , وأيضا تعلم مثلما كل مسلم معتدل ومتشبع برسالة إسلامنا الحنيف الحقيقية أن هذا التنظيم وافكاره لا تمت للإسلام بصلة لا من قرب ولا من بعيد , إسلامنا دين إقامة وقيم , دين الأخلاق والحريات , دين الاختيار لا الإجبار, دين الوصايا بالرحمة والسلام وحفظ الحقوق والعهود

هذا هو ديننا الإسلامي الحق , ونحن نعترف بأن هناك متعصبين وهناك أصحاب كلمة مسيطرين ولهم أتباع وضالين لكن أعادتهم لطريق الحق واجبنا, وهذا ما باتت تعمل علية حكومات البلاد الإسلامية والعربية منها خاصه.

وهنا سأعود لأخي أبن طيني وأرضي وبأعلى صوت أناديه أن تعلم كيف تعلم نفسك درء المخاطر ليس عن ذاتك وانما عن أهلك وبلادك, لأن السعي وراء السلام الشخصي لا يقيك ممن هم بحاجتك ولا ينفي خطر الأعداء , لكن اذا كان زادك ومستفادك الوعي ستجعل بيئتك وحاضنتك آمنة , وستعلم كيف تتوجه لمنابع الخطر الحقيقة, وتعود بما تجود به على من هم بحاجة كلمتك وفكرك وعلمك الذي تعلمته لتزيدهم من وعيك وعي هكذا نعيد البناء , هكذا نحفظ إسلامنا وبلادنا وأهلينا ونكون درعهم الحامي الواقي من هول المخاطر التي لا تنتهي , أنه الوعي يا ساده أنه العلم أنه الزاد الذي لا تشبعه ولا تمله العقول النيرة .

دعوني هنا أذهب بكم قليلا لجحر الشيطان الأكبر ونرى كيف يفكر أولئك المتغطرسين الذين يعتقدون أن العالم بجله سيرضخ لهم صاغرا وأنهم سيحكمون شعوب الأرض ويفرضون عليها دستورهم الجديد, دستور قيم الرأسمالية الأميركية . ولكي نستوضح المقصود يجب علينا العودة الى هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 لأنها الركيزة ونقطة الانطلاق الأميركية الجديدة تجاه أي شيء ستقوم بفعله .

ولو عدنا لكل ما كتبة الإعلام وبثته الشاشات سنكتشف أنه وبعد تفجير برجي التجارة العالميين في نيويورك والبنتاغون في واشنطن وقبل الكشف عن أي دليل عن هوية المهاجمين , كانت الحملة المنظمة ضد الإسلام والمسلمين, وبدأت الآلة الإعلامية بالبث على مدار الساعة والصحافة لم تقف أقلامها عن مهاجمة الإسلام وخرج أيضا فرانكلن جراهام ووصف الإسلام بأنه دين شرير , وصحفهم العالمية أيضا الواشنطن بوست ونيويورك تايمز لم تتواني عن أتهام الإسلام بأنه دين متطرف ودين عنيف وبأن الإسلام والإرهاب وجهين لعملة واحدة , ولك أن تتخيل هذه الآلة الإعلامية الضخمة التي لا تتوقف عن الكلام ثانيه واحدة وخلفها الأبراج المشتعلة وصور الجثث في طرقات نيويورك , هذا كلة دفع المواطن الأميركي بكل ثقافاته للاعتقاد والتصديق سواء شعوريا أو لا شعوريا بأن الإسلام دين إرهاب , وأيضا أطل علينا جورج بوش الصغير ليقول بأن العالم بات مقسوما بين الخير والشر وبين المؤمنين والكفار , ولو أردنا تفسير من يقصد بالمؤمنين سنكتشف أنهم أولئك الذين يؤمنون بالقيم الأميركية للرأسمالية ,الأنجلو ساكسونيه . أما الكفار فهم الذين يرفضونها , ويجب على الأمم الآن أن تقرر ما أذا كانت مع هذه القيم أو ضدها . وهنا وصف جورج بوش الدول التي لا تقبل بالقيم الأميركية والغربية بأنها دولا شريرة وبشرها بالهلاك . وأعلن الحرب على الإرهاب دون أن يحدد مفهومه عن الإرهاب في حينها وأيضا أعلن أنها ستكون طويلة الأمد , ورأينا نتائج هذه الحرب حين دخلت أميركا في حربها على القاعدة التي كان يتزعمها بن لادن والذي هو صناعة أميركية ليحارب الإتحاد السوفياتي , ودخلت أميركا أفغانستان في حربها الطويلة تحت ظل مكافحة الإرهاب .لكن ما لم يلفت انتباهنا حينها من الذي يقف حقيقتا وراء هذه الآلة الضخمة العسكرية منها والإعلامية ليحركها بهذا الجنون الدافع للهلاك حقا , سنرى أنهم أباطرة المال وما جورج بوش سوى أداتهم لتنفيذ هذا المشروع القائم على الهيمنة الشاملة على كل خيرات وشعوب العالم وإخضاعهم لقيم أميركا.

واذا بحثنا أكثر سنعود الى ما قبل بوش الأصغر,الى عهد الرئيس بيل كلينتون وفي بداية ولايته الأولى خرج أحد القادة البارزين في الحزب الديمقراطي وقال تتغير الوجوه في البيت الأبيض أما القابضون على مقاليد السلطة وراء الكواليس فهم أنفسهم لا يتغيرون .

أن قيم ومبادئ النظام العالمي الجديد هي ذاتها قيم الرأسمالية الأنجلو ساكسونية التي دمجت بين قوة المال وقوة الإعلام لخلق اقتصاد (طفيلي جديد ). ولكن هذا الاقتصاد الجديد أصبح عبئا على الاقتصاد المنتج لأنه في الاقتصاد المنتج القديم يعتبر المال إحدى وسائل الإنتاج لا أكثر, أما في هذا الاقتصاد الطفيلي المعلوماتي المالي الجديد فقد بات الغرض الأوحد للمال هو جني المزيد من المال دون الدخول الى حلبة الإنتاج ولقد حول بارونات المال في كل أرجاء الدنيا العالم الى كازينو وقاموا عبر أموالهم ووسائل إعلامهم بتعين القوى الحاكمة في الولايات المتحدة لإدارة شؤون هذا الكازينو نيابة عنهم مستخدمين ذراع الولايات المتحدة الطولى لهذا الغرض و لقد تمخض هذا المزيج المخيف من قوة المال وقوة الإعلام وقوة التسويق سواء للأشخاص أم الأفكار عن قدرة هائلة على غسل الأدمغة. والتي لا تقدم للعالم سوى رؤية واحدة لا غير هي رؤية قوى الظل التي تسيطر على العالم عبر واشنطن . لقد قامت قوى الظل هذه بفرض إعادة تشكيل الاقتصادات الإنتاجية للدول ليتوافق مع مخططاتها للهيمنة الاقتصادية وتم تسمية هذه التغيرات بالإصلاح لكن حقيقتها إعادة تشكيل الاقتصاديات بطريقة تمكنهم من السيطرة عليها , لقد اعتمدوا وسائل الصدق والكذب سويا للوصول لأهدافهم .

وفي أحدى الدراسات التي تقول , تختلف المفاهيم الإسلامية عن الرأسمالية من خلال معارضتها لكنز الثروات بشكل غاية في الإفراط, وأن المجتمع الإسلامي ليس بأي حال من الأحوال حلبة تتصارع فيها المصالح المتضاربة ولكنه مكان تسوده العلاقات المنسجمة والمتجانسة ليتسنى تحقيقها من خلال حس بالمشاركة في تحمل المسؤوليات وينبغي لحقوق الأفراد أن تكون متوازنة بشكل متوازن مع حقوق المجتمع .

والآن بتنا على يقين بان القيم الأميركية الحالية خلطت الحق بالباطل وربطت بين الحياة الحسنة والاستهلاك بحيث أصبحا شيئا واحدا , حيث قال الرئيس الأميركي جيمي كارتر ( في دولة كانت تتباهى بالعمل الدؤوب والعائلات المترابطة والمجتمعات المتينة في بنيانها وإيمانها أصبحت اليوم تميل إلى عبادة الانغماس الذاتي والاستهلاك) ولم يعد تعريف الهوية الإنسانية بما يفعله الإنسان , بل بما يملكه .

حيث بتنا نرى ونعلم أن هذا النظام أوجد تباينا صارخا في الثروات حيث يهيمن 1 % فقط من الشعب الأميركي على ثروات تزيد أضعاف المرات على ما يملكه 80% من الشعب الأميركي مجتمعين . وفي مطلع القرن الواحد والعشرين يوجد 40 مليون أميركي تحت خط الفقد ومشردين بلا مأوى , نعم يا سيدي أنها أميركا التي باتت تعج بالعوالم الثالثة كما كانت تطلق هذه التسمية سابقا على شعوب ودول . هذه هي القيم الأميركية التي تشن لأجلها الحروب , هذه هي القيم الأميركية التي تدمر لأجلها دول وتشرد وتعدم شعوب كاملة , لا تستغرب يا صديقي , هي أميركا التي دمرت العراق بحجه أثبت بطلانها, وعلى ألسنة قادتها ومن شارك بدمار العراق شخصيا , وتحت أنظار حكامها خرجت أسلحة الدمار الشامل واطلقت على شعب اعزل ولم تحرك الولايات المتحدة سوى ابهام يدها ليهرش أوباما أنفة , بينما حركت قوافل الإرهاب الفارسي ليصل لمياهنا الدافئة , ويتبنى أهداف أسياده الذين هم أنفسهم من أوصوا بوش الصغير للحكم , هم فقط يتحركون ويحركون ما يخدم أهدافهم , فالقيم لديهم منفيه سابقا ,

وهذا يجعلني أقول بصوت مرتفع وفي أروقة بيتهم  , ما زال القاتل يضحك وما زال صراخ المظلومين يعلو.

أسامة حريدين  

3 أفكار عن “النظام العالمي . مفهوم الإرهاب والعالم الإسلامي”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *